وصايا للشاب الذي يعاني من الفراغ العاطفي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فقد سألني بعض الشباب عن ابتلاء بعضهم بالوحدة والفراغ العاطفي والشعور بالحزن والنقص والحرمان وغير ذلك من المشاعر السلبية فتعجبت من وجود ذلك في وسط الشباب وإظهار هذا الموضوع والشكوى منه.
إن لهذه الحالة الوجدانية أسباب:
1- ضعف الروابط الأسرية بين الشاب وباقي أفراد الأسرة مما يجعله يشعر بالوحدة والأنانية.
2- ضعف صلة الشاب بربه وعلاقته بدينه ووقوعه في الغفلة وقسوة قلبه.
3- كثرة الفراغ في وقته وعدم ملأ الوقت بما ينفعه في دينه ودنياه.
4- تأثره بلغة الإعلام الفاسد الذي يشيع ثقافة الحب الزائف عن طريق الأغاني الماجنة والبرامج الهابطة والرواية الساقطة.
5- تأثره بالبيئة الفاسدة التي حوله من أصدقاء السوء.
6- إسرافه على نفسه بالذنوب وأسره تحت سلطان الشهوة وظلمة المعصية.
إن وقوع الشاب في هذه الحالة واستسلامه لها يدفعه إلى الهروب من واقعه الذي يعيشه إلى عالم الأوهام والضياع بتعاطي الممنوعات والسفر إلى بلاد الفساد والبحث عن العلاقات المشبوهة ظنا منه أن هذه الوسائل تحل مشكلته وتشبع رغباته وتروي طموحه واهتماماته.
إن الشاب له طاقة كبيرة واهتمامات متنوعة ومراهقة شديدة في كثير من الأحيان يجب توجيهها في المجالات النافعة والبرامج المفيدة واحتوائها بما ينفع البلاد والعباد وإلا أدت إلى مفاسد عظيمة وآثارا سيئة على المجتمع في الجانب الأخلاقي والأمني والديني والإجتماعي.
إن الشاب يجب عليه أن يسعى جاهدا في إصلاح نفسه وحل مشكلته والخروج مما يعانيه من وحدة وفراغ وأن لا يستسلم لأوهامه وخيالاته فهو يتمتع بقدرة ونوع حرية واختيار وقرار أكثر مما تتمتع به الفتاة مما يجعل المسؤولية عليه أعظم.
ومما يعين الشاب على ذلك العمل بهذه الوصايا الحسنة:
أولا: عليه بالإكثار من دعاء الله بالهداية والسداد وانشراح الصدر والتوفيق للطاعة.
ثانيا: عليه بالإقبال على تلاوة القرآن بتدبر وتعقل وتفهم والإكثار من الذكر. قال تعالى ( الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
ثالثا: الحرص على صحبة أهل الخير ومجالستهم غالب الأوقات.قال تعالى ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) .
رابعا: شغل الوقت بالبرامج المفيدة والأنشطة العملية من الرياضة والقراءة والفنون المباحة والانصراف إلى الجد والاجتهاد والابتعاد عن الكسل والراحة وكثرة اللهو .
خامسا: المبادرة بالزواج المبكر إذا كان قادرا على ذلك فإنه يملأ فراغه ويشبع رغبته ويحميه من مساوئ الأخلاق والرذيلة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج) متفق عليه.
سادسا: أن يصرف عاطفته ومحبته إلى محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومحبة ما يقرب إليهما فإن انصراف القلب لذلك يملأه ويجمع شتات قلبه ويحميه من الأوهام والظنون الكاذبة.
سابعا: مجاهدة النفس بفعل الفرائض والإكثار من النوافل واجتناب المحرمات فإن الطاعة لها أثر عظيم في تزكية النفس وصلاح القلب وانشراحه وطرد الهموم والأحزان. قال تعالى ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ).
ثامنا: الإبتعاد والفرار عن كل ما يقوي الشهوة ويهيجها ويثير المشاعر من وسائل الفتنة والبيئة الفاسدة فإن الإبتعاد عن ذلك يسكن القلب ويهدأ الروح.
وأخيرا ينبغي على الشاب أن يستفرغ وسعه ويبذل جهده في علاج قلبه وإصلاح نفسه ويستعين بالله ويحسن التوكل عليه ويعتمد على نفسه بعد الله ولا يكون أسيرا للأوهام والشكوك والوساوس ، و ربما يجد مرارة وألما في ابتداء العلاج و بداية الطريق الصحيح ولكن ذلك سيزول عما قريب إذا فتح الله على قلبه وذاق حلاوة الإيمان وخالط بشاشة قلبه.
أسأل الله أن يصلح شباب المسلمين ويملأ قلوبهم بالإيمان والحكمة وينزل عليهم الخشوع والسكينة ويجعل حياتهم سعادة حافلة بطاعة الله
المصدر: محاضرة لـ أ خالد البليهد